فصل: مقتل أبي ثعلب بن حمدان.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء عضد الدولة بن بويه على الموصل وسائر ملوك بني حمدان.

ولما ملك عضد الدولة بن ركن الدولة بن بويه بغداد وهزم بختيار ابن عمه معز الدولة سار بختيار في الفل إلى الشام ومعه حمدان بن ناصر الدولة أخو أبي ثعلب فحسن له قصد الموصل على الشام وقد كان عضد الدولة عاهده أن لا يتعرض لأبي ثعلب لمودة بينهما فنكث وقصدها ولما انتهى إلى تكريت أتته رسل أبي ثعلب بالصلح وأن يسير إليه بنفسه وعساكره ويعيده على ملك بغداد على أن يسلم إليه أخاه حمدان فسلمه إلى رسل أبي ثعلب فحبسه وسار بختيار إلى الحديثة ولقي أبا ثعلب وسار معه إلى العراق في عشرين ألف مقاتل وزحف نحوهما عضد الدولة والتقوا بنواحي تكريت في شوال سنة ست وستين فهزمهما عضد الدولة وقتل بختيار ونجا أبو ثعلب إلى الموصل فاتبعه عضد الدولة وملك الموصل في ذي القعدة وحمل معه الميرة والعلوفات للإقامة وبث السرايا في طلب أبي ثعلب ومعه المرزبان ابن بختيار وأخواله أبو إسحق وظاهر إبنا معز الدولة ووالدتهم وسار لذلك أبو الوفاء ظاهر بن إسماعيل من أصحابه وسار حاجبه أبو ظاهر طغان إلى جزيرة ابن عمر ولحق أبو ثعلب بنصيبين ثم انتقل إلى ميافارقين فأقام بها وبلغه مسير أبي الوفاء إليه ففارقها إلى تدليس وجاء أبو الوفاء إلى ميافارقين فامتنعت عليه فتركها وطلب أبا ثعلب فخرج من أرزن الروم إلى الحسينية من أعمال الجزيرة وصعد إلى قلعة كواشي وغيرها من قلاعه ونقل منها ذخيرته وعاد فعاد أبو الوفاء إلى ميافارقين وحاصرها واتصل بعضد الدولة مجيئه إلى القلاع فسار إليه ولم يدركه واستأمن إليه كثير من أصحابه وعاد إلى الموصل وبعث قائده طغان إلى تدليس فهرب منها أبو ثعلب واتصل بملكهم المعروف بورد الرومي وكان منازعا لملكهم الأعظم في الملك فوصل ورد يده بيد أبي ثعلب وصاهره ليستعين به واتبعه في مسيره عسكر عضد الدولة وأدركوه فهزمهم وأثخن فيهم ونجا فلهم إلى حصن زياد ويسمى خرت برت وأرسل إلى ورد يستمده فاعتذر بما هو فيه ووعده بالنصر ثم انهزم ورد أمام ملك الروم فأيس أبو ثعلب من نصره وعاد إلى بلاد الإسلام ونزل بآمد حتى جاء خبر ميافارقين وكان أبو الوفاء لما رجع من طلب أبي ثعلب حاصر ميافارقين والوالي عليها هزارمرد فضبط البلد ودافع أبا الوفاء ثلاثة أشهر ثم مات وولى أبوثعلب مكانه مؤنسا من موالي الحمدانية ودس أبو الوفاء إلى بعض أعيان البلد فاستماله فبعث له في الناس رغبة وشعر بذلك مؤنس فلم يطق مخالفتهم فانقاد واستأمن وملك أبو الوفاء البلد وكان في أيام حصاره قد افتتح سائر حصونه فاستولى على سائر ديار بكر وأمن أصحاب أبي ثعلب وأحسن إليهم ورجع إلى الموصل وبلغ الخبر إلى أبي ثعلب منقلبة من دار الحرب فقصد الرحبة وبعث إلى عضد الدولة يستعطفه فشرط عليه المسير إليه فامتنع ثم استولى عضد الدولة على ديار مضر وكان عليها من قبل أبي ثعلب سلامة البرقعيدي من كبار أصحاب بني حمدان وكان أبو المعالي بن سيف الدولة بعث إليها جيشا من حلب فحاربوها وامتنعت عليهم وبعث أبو المعالي إلى عضد الدولة وعرض بنفسه عليه فبعث عضد الدولة النقيب أبا أحمد الموسوي إلى سلامة البرقعيدي وتسلمها بعد حروب وأخذ لنفسه منها الرقة ورد باقيها على سعد الدولة فصارت له ثم استوف عضد الدولة على الرحبة وتفرغ بعد ذلك لفتح قلاعه وحصونه واستولى على جميع أعماله واستخلف أبا الوفاء على الموصل ورجع إلى بغداد في ذي القعدة سنة ثمان وستين ثم بعث عضد الدولة جيشا إلى الأكراد الهكارية من أعمال الموصل فحاصروهم حتى استقاموا وسلموا قلاعهم ونزلوا إلى الموصل فحال الثلج بينهم وبين بلادهم فقتلهم قائد الجيش وصلبهم على جانبي طريق الموصل.

.مقتل أبي ثعلب بن حمدان.

ولما يأس أبو ثعلب بن حمدان من إصلاح عضد الدولة والرجوع إلى ملكه بالموصل سار إلى الشام وكان على دمشق قسام داعية العزيز العلوي غلب علها بعد أفتكين وقد تقدم ذلك وكيف ولي أفتكين على دمشق فخاف قسام من أبي ثعلب ومنعه من دخول البلد فأقام بظاهرها وكاتب العزيز وجاءه الخبر بأنه يستقدمه فرحل إلى طبرية بعد مناوشة حرب بينه وبين قسام وجاء الفضل قائد العزيز لحصار قسام بدمشق ومر بأبي ثعلب ووعده عن العزيز بكل جميل ثم حدثت الفتنة بين دغفل وقسام وأخرجهم وانتصروا بأبي ثعلب فنزل بجوارهم مخافة دغفل والقائد الذي يحاصر دمشق ثم ثار أبو ثعلب في بني عقيل إلى الرملة فى محرم سنة تسع وتسعين فاستراب به الفضل ودغفل وجمعوا الحربة ففر بنو عقيل عنه وبقي في سبعمائة من غلمانه وغلمان أبيه وولى منهزما فلحقه الطلب فوقف يقاتل فضرب وأسر وحمل إلى دغفل وأراد الفضل حمله إلى العزيز فخاف دغفل أن يصطنعه كما فعل بأفتكين فقتله وبعث الفضل بالرأس إلى مصر وحمل بنو عقيل أخته جميلة وزوجته بنت سيف الدولة إلى أبي المعالي بحلب فبعث بجميلة إلى الموصل وبعث بها أبو الوفاء إلى عضد الدولة ببغداد فاعتقلها.